مساحة إعلانية
مساحة إعلانية
الدكتور عمر حسن والبرلماني طلعت عبد القوي يحللان أسباب الزيادة السكانية وسبل الخروج من الأزمة (ندوة)
مساحة إعلانية

فتح حديثُ الرئيس السيسي بشأن الزيادة السكانية النقاشَ حول خطورة هذا الملف وتبعاته على المجتمع المصري، وأسباب الأزمة وطرق حلها مستقبلا.

وعقد “القاهرة 24″، ندوة ضمت الدكتور طلعت عبد القوي، عضو مجلس النواب، رئيس الاتحاد العام للجمعيات والمؤسسات الأهلية، والدكتور عمرو حسن، المنسق السابق للمجلس القومي للسكان، ناقشت تطورات ملف الزيادة السكانية في مصر وتأثيرها على النمو الاقتصادي، فإلى نص الندوة..

مساحة إعلانية

 

الدكتور طلعت.. دائمًا هناك أحاديث عن الزيادة السكانية، لماذا في مصر تحديدًا هناك ربط بين التأخر في تقديم الخدمات أو النهضة والتقدم وبين الزيادة السكانية، على الرغم من وجود العديد من الموارد الضخمة؟

مساحة إعلانية

الكلام العام ليس دقيقًا، هناك حسابات ورقم معين نقوله دائمًا، هو أن معدل النمو السكاني مرتبط بمعدل النمو الاقتصادي لأي دولة على مستوى العالم، ولذلك كي تعيش الدولة والناس في رفاء وبصورة جيدة، لا بد أن يكون معدل النمو الاقتصادي على الأقل 3 أضعاف معدل النمو السكاني، وهذا كلام ليس فيه اجتهاد.

قبل كورونا وصل معدل النمو الاقتصادي إلى 5.6% وتراجع الآن ليصل إلى حوالي 4%، في المقابل يصل معدل النمو السكاني إلى 2.5%، إذن نحن بعيدون جدًا لأننا بهذا المعدل في النمو السكاني لا بد أن يكون معدل النمو الاقتصادي 7.5% كي نعيش بشكل جيد.

هناك عجر شديد في الموازنة الخاصة بك، ومعظم الميزانية تأتي من الضرائب والاقتراض والمصادر الأخرى الثابتة مثل البترول وقناة السويس، بينما التصدير والسياحة تأثرا للأسف الشديد في الفترة الماضية، إذن المشكلة يمكن تلخيصها في جملة واحدة ألا وهي “هناك خلل ما بين معدل النمو السكاني ومعدل النمو الاقتصادي” وهذا كلام علمي وأي أحاديث أخرى في هذا الشأن ستكون شعارات.

إذًا ستظل الزيادة السكانية عاملًا مغرضًا ما دُمنا أمام نفس معدل النمو الاقتصادي يا دكتور عمرو؟

لا بد أن يكون هناك توازن بين معدل النمو الاقتصادي ومعدل النمو السكاني، يجب السير من خلال برامج وأنشطة تعظم دور النمو الاقتصادي وتقلل من النمو السكاني بالطرق الشرعية، والرفع من خصائص السكان، ولذلك القضية السكانية لم تختزل في النمو السكاني فقط بل إن لها ثلاثة محاور من ضمنها النمو السكان وخصائص سكان، وتوزيع سكان، والثلاثة مرتبطون ببعضهم، ولذا لا يجب العمل على محور منهم وترك الآخر، وكي أرفع مستوى التعليم لا بد وأن أقضي على الأمية، الفقر، البطالة والأمراض المنتشرة، وهذا كله يندرج تحت خصائص السكان، أما توزيع السكان ليس من المنطقي فيه أن يكون هناك 95% من السكان يعيشون على 7% من المساحة، ولذلك لا بد من إعادة توزيع خريطة السكان.

كيف يتم تطبيق الاستراتيجية بشكل كامل يا دكتور عمرو، وكيف يحدث الخلل ومن المسؤول عنه؟ وكيف نُعيد الاستراتيجية بشكلها الصحيح حتى نصل للهدف المرجو؟

في 2014 وبحضور رئيس الوزراء وقتها المهندس إبراهيم محلب، أطلقت الدولة الاستراتيجية القومية للسكان والتنمية 2015 -2030، وتم وضع أهداف كثيرة في 2020 وأيضًا في 2030، وكان أول هدف في 2020 أنه إذا تم السير على الاستراتيجية سيصل عدد السكان إلى 94 مليونًا، ولكن بنهاية 2020 وتحديدًا يوم 3 أكتوبر كسرت عدد 101 مليون، وهذا يعني أننا تعدينا المستهدف بـ7 ملايين وهذا رقم كبير جدًا، ولذلك نقول في النهاية من المفترض أن المواطن يحسب منذ ولادته ما التكلفة التي تحتاجها الدولة لتحمل مصاريف التعليم الخاص به والصحة.

لذلك هذا يفتح عنوانًا كبيرًا نحتاج أن نقوله وهو أن مشكلة مصر هي “حوكمة الملف السكاني”، وهو ما يجب أن يتميز بالشفافية والمتابعة والرقيب، كما أن المشكلة السكانية ليست وليدة اليوم ولكنها من قبل، نقوم بوضع خطة عظيمة بجانب أهدافها وحينما يأتي وقت الوصول نتفاجأ بأننا تخطينا الأهداف، ولذلك أين المُساءلة؟ والمتابعة؟ والشفافية؟ والرقابة؟.

طالما وضعت خطة إذن لا بد أن تقول أسباب عدم تحقيقها، وبالتالي إذا كنا نتميز بالشفافية نستطيع إصلاح الأمور للفترات المقبلة، وإذا كان هناك متابعة وتقييم لن ننتظر الوصول إلى 2020 حتى أعلن عن وجود مُشكلة.

ودومًا نقول أنه يوجد 4 عوامل للنجاح خاصة بالملف السكاني في مصر، منها الإرادة السياسية، والإطار المؤسسي، واستراتيجية والتمويل اللازم.

 في مصر دائمًا ما نعلن عن وجود إرادة سياسية، والرئيس السيسي يوجه بها الوزراء في خطابه، بينما أرى أن الاطار المؤسسي لدينا فيه مُشكلة كبيرة لأنه يجب أن يتميز بالقوة والاستقلال والاستقرار، هناك تجربة مصرية من عام 1986 إلى 1996 تُعد من أنجح التجارب الدولية على مستوى العالم كله في مجابهة الزيادة السكانية وحدوث انخفاض كبير في معدل الزيادة السكانية.

من ينصحنا بأن ننظر إلى تجربة الصين سأقول له لا أحتاج، لوجود تاريخ مصري في عهد عبد الناصر عام 1965  تم إنشاء المجلس الأعلى لتنظيم الأسرة، سنة 1972، تم استيعاب أن الرؤية ليس فقط  تنظيم أسرة بل تنظيم أسرة وخصائص سكانية، فتحول وأصبح اسمه المجلس الأعلى لتنظيم الأسرة والسكان في عهد أنور السدات، وفي عهد مبارك 1985 تم إنشاء المجلس القومي للسكان.

منذ عام  65 حتى الآن في 2021، يجب أن أنظر إلى أن الدولة المصرية فتحت ملف الزيادة السكانية سنة 56، وهناك دول بدأت معنا  في السيتينات وغلقت الملف منذ 20 عامًا، ولذلك فإن النجاح هو عدم الحديث مرة أخرى عن ملف الزيادة السكانية وغلقه.

في رأيك يا دكتور عمرو من المسؤول عن التراجع في التجربة الرائدة؟

كانت عوامل النجاح الأربعة غير موجودة، أو كان هناك عاملًا ناقص أو في فترة من الفترات وجد نقص في عاملين، وأهم عامل منها هو أن يكون لديك إطار مؤسسي منضبط، لأنه سيضمن وصول الإرادة السياسية لكل أفراد مصر من أول الوزير للمحافظ وهكذا، كما أنه سيضمن متابعة وتقييم الاستراتيجية، فضلًا عن ضمانه زيادة التمويل من الداخل والخارج، وسيساعد أيضًا على الاستغلال الأمثل للموارد، لأن مصر تأتي لها العديد من المنح والقروض من الخارج، هل كان يتم استغلالها بشكل أمثل؟ والإجابة هي إذا كان يتم استخدامها بشكل أمثل كانت القضية تم غلقها من 20 عامًا، نحتاج إلى شخص يتابع ويقيم، والمشكلة أن من ينفذ هو من يتابع ويقيم، ولا يوجد شيء هكذا ويجب فصل من ينفذ عمن يتابع ويُقيم.

 

لننتقل إلى الدكتور طلعت.. لماذا لم يستقل المجلس القومي للسكان؟ ولماذا لم تخصص له ميزانية رائدة؟ لماذا لم يتحرك البرلمان بشكل جاد؟ وماذا عليه الفترة المقبلة؟

كنت عضوًا في لجنة الخمسين، وأنا من وضعت المادة 41 والتي تنص على التزام الدولة بتنفيذ برنامج سكاني يهدف إلى تخليق التوازن بين معدل النمو السكاني والموارد المتاحة وتعظيم خصائص السكان، وذلك في إطار تحقيق التنمية المستدامة، والمجلس القومي للسكان بدأ برئاسة رئيس الجمهورية وبعدها نزل لرئيس الوزراء وشرفت بأنني كنت عضوًا في المجلس القومي للسكان عندما كان رئيس وزراء مصر هو رئيس المجلس في 2008-2009، ومن ثم  نزل لوزير الصحة ومجموعة من الموظفين في بعض المصالح الحكومية الممثلين عن الوزراء، وكان مجلس النواب في الدورة الماضية تقدم إليه مشروع قانوني ببعض الأعضاء، وتم إحالته إلى اللجنة المعنية وهي لجنة التضامن الخاصة بتشكيل المجلس القومي للسكان في تشكيل جديد، وتمت الموافقة عليه ولكنه لم يخرج للنور، وكان عبارة عن تشكيل من الشخصيات العامة وليس شخصية حكومية، لأنه هو من يضع السياسات والأجهزة التنفيذية مهمتها هي تنفيذ السياسات، والموظف هو من يتابع  الأنشطة، ولذلك أعتقد أنه سيُبدل في المرحلة الحالية كي نحيي ونقوي المجلس القومي للسكان، لأنه بعد وضع خطة وسياسة معنية؛ من المسؤول عن متابعتها؟ من المسؤول عن تقييمها؟، وفي 2015 -2020 قمنا بعمل خطة تنفيذية وكان لا بد من تقييم، المجلس القومي للسكان لابد أن يُعاد النظر فيه لأنها قضية مهمة وما دامت هي قضية مهمة يُفضل أن تكون مشاركة بين رئيس المجلس ورئيس الجمهورية أو على الأقل رئيس مجلس الوزراء كي يعطي قوة.

 

 

في رأيك يا دكتور طلعت لو بعد خمس سنوات صرنا نسير على نفس النهج من معدل النمو السكاني ومع أزمة سد النهضة، سنصل إلى أين؟؟

وزير الري كان موجودًا قريبًا في مجلس النواب وقال نحتاج إلى 114 مليار متر مكعب من المياه، والمتوفر منهم 74 مليارًا، المسألة ليس فقط مشكلة المياه، لكن هناك أيضًا أراضٍ زراعية، حينما كان عدد سكان مصر مليونًا كان كل فرد نصيبه فدان، أما الآن هناك 10 ملايين أفدنة على 100 مليون مواطن، ولذلك أصبحنا نستورد بعدما كان لدينا فائض نقوم بتصديره، بالإضافة إلى الفجوة الغذائية، مشاكل التعليم وتكدس الفصول، بالإضافة إلى الصحة وما لديك من عدد الغرف في العناية المركزة، وينتج عنهم أن كل عناصر الحياة ستتأثر، ولذلك نتحدث عن القضية السكانية منذ زمن، وهي أصبحت قنبلة غير موقوتة، لأننا بدأنا نعاني من الآثار المترتبة على المشكلة السكانية وليس أعراضها، وهي آثار خطيرة تهبط أي دولة وتهدد أمن وسلامة الوطن.

 

في رأيك يا دكتور عمرو.. لماذا فشلنا؟ وكيف نستطيع الوصول بالناس لتنظيم أسرة حقيقي؟ ولماذا وصلنا لهذه المرحلة؟

أكبر مشروع استثماري لو تبنته مصر واهتمت به سيعود عليها بالأرباح والفوائد، وهو مشروع تنظيم الأسرة، نحتاج رؤية الدولة لهذا المشروع، إذا تبنته مصر سيعود عليها بفوائد ضخمة، ولكن هل الدولة متبنية له؟، إذا تبنته الدولة كان سيُصبح الملف مغلقًا مع الدول التي أغلقته منذ سنوات، لا تقل لي إن معدل النمو السكاني انخفض، ولكن عندما تقول إننا بدأنا ألا نتحدث عن مشكلة الزيادة السكانية وأصبحنا لا ننصح الناس بأن هناك مشكلة سكانية هنا أستطيع قول أننا نجحنا، نحتاج إلى إعادة عوامل النجاح التي حققناها  جميعها في فترة من الفترات مرة أخرى، لا نحتاج إلى اختراع، فقط النظر في التجارب القديمة وإعادتها، كما أن الدولة أيضًا لن تحتاج إلى رفع الدعم من أحد، لأن عوامل النجاح لم تتغير، بل إنها مناسبة مع كل فترة وزمن، ومن خلالها سيتم حل المشاكل، وأتطرق أيضًا إلى أننا قمنا بتقييم استراتيجية المجلس القومي للسكان منذ 2018 إلى 2019، ومن خلالها وجدنا أن هناك 1250 وحدة مغلقة بسبب عدم وجود أطباء لتنظيم الأسرة، كما أن هناك أيضًا 3183 منطقة محرومة من خدمات الأسرة، وألفت الانتباه إلى أن جزءًا كبيرًا من الحل سيتم تحسينه من خلال تحسين تنظيم خدمات الأسرة، من يقول إننا نحتاج النظر خارج الصندوق أقول له إن النظر خارج الصندوق هو فتح الصندوق نفسه وحله، من خلال توافر الخدمة وتحسين الجودة وكي أحسنها أحتاج إلى رؤية واضحة وإرادة، وأيضًا إلى وقت.

 

الدكتور عمرو.. لماذا لم نبدأ في حل الأمر كي نحقق استراتيجية واضحة؟

قمنا بعرض تقييم للاستراتيجية في البرلمان، وكانت نتائج التقييم أن ما تم تنفيذه أقل من 40 %، وعرضنا المشاكل والبرلمان قام بدوره ولكننا لم نستكمل، نحتاج إلى نفس طويل، ومعرفة من المسؤول عن ملف السكان في مصر؟ من يستطيع أن يكون مسؤولًا لا بد وأن يكون مؤهلًا من الصلاحيات، ولذلك أؤكد دومًا أن الإطار المؤسسي هو أهم عامل نظرًا لما يتضمنه من قوة، واستقرار، واستقلال، كما أن مشكلة المجلس أنه حينما يكون تابعًا لوزارات، تُصبح ليس لك سلطة عليهم، لكن وقتما يكون تابعًا لرئيس الجمهورية تستطيع مُتابعة الأفراد بشكل جيد، لأن معك من السلطات ما يؤهلك لهذا، ولذلك وجود سلطات هو جزء من استقلال الملف واستقراره، كما أنني أنوه أن مشكلة المجلس في آخر 8 سنين قمت بتولية 8 أشخاص، وهنا ينتج عن هذا عدم وجود وقت كافٍ للعمل، ولذلك أطالب الاستقرار والاستقلال كي أستطيع محاسبته المسؤول، والمشكلة في مصر تتمثل بعدم وجود المدير الفني لهذا الملف أو المايسترو أو المخرج، والحل سهل، وأول إجابة هي أن تقوم الدولة بتعيين شخص يتولى إدارة هذا الملف ومن ثم محاسبته.

إذًا من المسؤول عن الملف؟ ومَن مِن المفترض أن تكون هذه قضيته؟ ولمَ لا يكون هذا المشروع مشروعًا قوميًّا؟ وما دور الجمعيات الأهلية في المشهد؟

الملف عندما نقوم بوضع استراتيجية له، إذن هو مشروع قومي، ارتفاع معدل النمو السكاني إذا كانت مشكلته بسبب واحد، سيكون الملف سهلًا في معالجته، ولكن هناك أسباب كثيرة، منها بعد اقتصادي في الريف واعتقادهم أن الأولاد هم الثروة الاقتصادية، وعندما تقول له “اتنين كفاية” لن يقبل، هناك أيضًا بعد اجتماعي وهي فكرة العزوة للشخص الذي رُزق بالبنات فقط ويريد الولد، بالإضافة إلى الأمية وعلاقتها بالزيادة السكانية، البطالة، كل ذلك ومعهما البعد الديني، المشكلة معقدة ولها أطراف كثيرة مثل الأخطبوط، كما أنك لا بد وأن تلتزم بمسائل الشرائع وحقوق الانسان، وعلى سبيل المثال، الصين أصدرت بأنه لا يوجد مسودة طفل واحد ونسبة استخدام وسائل تنظيم الأسرة وصلت إلى 85% في حين نحن وصلنا إلى 60%، لأن الصين أصدرت قرارات قمعية لا نستطيع أن نقوم بها، وأيضًا هناك النظرة الشخصية والتي تكون أقوى من العامة، هل تستطيع أن تمنع الرجل المزواج من التزوج أكثر من مرة وهو قادر؟، كما أنه لا بد وأن يسير التشريع مع الدستور والشرائع، لا نستطيع الخروج عن النص، هناك من قال أن نُصدر قوانين ولا تكون لها علاقة بالعدد، لكن لها علاقة بوقف عمالة الأطفال والتي إذا تم منعها ستُجبر الأب على تعليم أولاده، وأيضًا هناك ما يسمى بالحوافز الإيجابية، تُعطي للأم على سبيل المثال قطعة أرض وتفتح لها مشروعًا تُنتج من خلاله والمقابل هو أن يكون لديك طفلان، تحفيز من خلال عمل عضوية في نادٍ مُعين، يوجد دراستان واحدة منهما قالت إن كل جنيه يتم صرفه على تنظيم الأسرة يوفر على الدولة المصرية 151 جنيها، في 2015 كان الجنيه يوفر 56 وبعد التعويم أصبح يوفر151، ولذلك نقول دومًا إنه من أكبر المشاريع الاستثمارية هو مشروع تنظيم الأسرة، وحينما تريد أن تحل تلك القضية، تحتاج العمل على الفقر والبطالة وعمالة الأطفال وزواج الأطفال، تحتاج إلى تغليظ العقوبة على المأذون الذي لديه دفتران واحد للتسجيل العرفي “وهي في سن صغيرة” ومن ثم الرسمي بعد الوصول إلى سن 18، لم أقل لك أن تنجب واحدًا أو اثنين ولكني سأغلق عليك جميع الأسباب التي تجعلك تُنجب كثيرًا، ولذلك أحتاج العمل على جهتين وهما تشجيع الناس وتحسين الخدمة.

 

 

 

 

 

الدكتورعمرو.. كم مليونًا نحتاج لفتح كل المصادر المُغلقة؟

لم تُحسب في وقتها لأن المشكلة تتمثل في نقص في عدد الطبيبات، محتاج مراعاة لجميع المناطق، قد تكون المرأة التي تُقيم في الصعيد من الصعب بالنسبة لها أن تخرج من البيت وتذهب إلى الوحدة الصحية إذا كان هناك طبيبً ليفحصها ويضع لها وسيلة “اللولب” بل تريد دكتورة، ولذلك لا بد أن أُراعي تلك الوحدة، وكي أقوم بفتحها لا بد من وجود طبيبة هناك، وبالتالي يجب العمل على تحسين الخدمة وجودتها على المدى القريب أو البعيد، وواحدة كأحد الأفكار التي دومًا نقوم بطرحها ونحتاج الشغل عليها هي فكرة “التاسك شيرينج”، وهي فعالة في كثير من  دول العالم التي تُعد حالتها مثلنا في ضعف الموارد وهجرة الأطباء، وذلك  النظام يقوم على عدم إلزامية تقديم خدمة تنظيم الأسرة من خلال الطبيب، قد يكون ممرضًا أو صيدليًّا وهنا لن يقوم بتركيب وسيلة “اللولب”، ولكنه يكون قادرًا على  صرف الوسيلة الهرمونية، وهنا كي أستطيع تنفيذه أحتاج إلى تغيير قوانين في مصر لها علاقة بالنقابة والوزراة ونقابة التمريض، بعدما أساعده في التعليم أو الخضوع لدورات كي أستطيع تحويلهم ليقوموا بدور الطبيب وأجلب لهم الرخصة ليقوموا بهذا العمل، وهنا يأتي السؤال.. الأوقع أن تكون الوحدة مغلقة ولا وجود لطبيب؟ أم يشارك في مهمة تنظيم الأسرة آخرون؟، وهذه الفكرة ليست اختراعًا مصريًا، كما أننا ننظر إلى أنه في أواخر الثمانينيات بمصر كان معدل استخدام “اللوالب” أربع أضعاف أوائل الثمانينيات وفي التسعينيات ضعفين، هنا كنا نستوعب أن المرأة الموجودة في القرية الفقيرة عندما يُركب لها الطبيب “اللولب” هنا ضمن عدم خلفتها لمدة 7 سنوات، أما إذا اعتمد على أقراص منع الحمل، من الممكن أن تُفكر أن الأقراص تُساعد على السرطان، وقد يكون ليس لديها تركيز كافٍ كي تأخذ الأقراص بشكل يومي منتظم، أما حاليًا هناك انخفاض شديد في معدل استخدام وسائل طويلة المفعول وهو “اللولب”، ويرجع السبب إلى عدم وجود أطباء في الوحدات لتركيب “اللوالب”، وقد يكون لدينا أطباء ولكن لا نمتلك جودة تعليم جيدة للدكتور لأنه خائف من تركيبه، ولذلك إذا كنت تريد حلها لا بد وأن ترى الرؤية، توضح لي كيفية إعادة فتح الوحدات المغلقة؟ وكيفية الانتهاء من المناطق المحرومة من خدمة تنظيم الأسرة؟ وكيفية رجوع معدل استخدام وسائل طويلة المفعول؟، وكي تستطيع الحل فهناك حلول تقليدية وحلول غير تقليدية، لا أُريدك أن تكون سعيدًا بارتفاع نسبة صرف حبوب منع الحمل سنة عن الآخرى، بل أريدك أن تحول المستخدمين من وسائل قصيرة المدى إلى وسائل طويلة المدى، وطبقًا لمسح السكان الأخير لمصر في عام 2014، معدل الانقطاع عن استخدام أقراص منع الحمل بعد سنة 41 %، بينما معدل الانقطاع عن استخدام اللولب 14%، وهنا لدينا وسيلة معدل الانقطاع الخاص بها 14% مقابل 41% بعد سنة، ولذلك نحتاج إلى أطباء لتركيب اللوالب، وهو ما يترتب عليه تحسين نظام لتحفيز الأطباء، حل دبلومة تحفيز الأسرة، الموضوع يحتاج إلى حسم وشخص يرى أول نقطة وآخر نقطة.

 

دكتور طلعت.. من 2021 إلى 2030 هناك 9 سنوات، ما الذي يجب أن نفعله جديًا وعمليًا؟

الحكومة ستعمل خطة استراتيجية بسيطة من 2020 إلى 2023 قريبًا، المسألة لا تعني وجود استراتيجية مع عدم إمكانية التنفيذ، بل الاستراتيجية تعني آليات التنفيذ، تمويلها ومتابعتها.

 الخطة إذا قمنا بعملها على هذا الشكل ستكون النتائج عظيمة، وكانت المشاكل تتمثل في أن التمويل غير جيد، بعدما قمنا بالتوعية وشحن الرأي العام وإقناع الناس بأن تخضع للخدمة، ومن ثم تذهب المرأة لمكان الخدمة فلا تجدها خدمة، أيضًا هناك خدمات غير ملبّاة تتمثل في سيدات يُردن استخدام وسائل تنظيم الأسرة ولم يحصلن عليها، نسبتهن في الصعيد 14% لأسباب خارجة عن إرادتهن بسبب أن الوسيلة بعيدة أو غير متوافرة، نحتاج إلى توفير خدمات كاملة وأطباء ومقدمي الخدمة، وأيضًا أن نسير بالتوازن، وأن يتحمل كل فرد مسئوليته، وهناك دائمًا ما يسمى بالتقييم والتقويم، التقييم ينتهي بنهاية الخطة والتقويم يأتي بعده وهو سبب من أسباب النجاح  كي أرى مكان المشكلة.

لا بد أن نضع سياسة تكون سياسة دولة وليس سياسة وزراء أو أشخاص، لأنه بالتغيير الوزاري يمكن أن يأتي وزير تكون المسألة غير مهمة بالنسبة له.

في مرة من المرات اقترح شخص أن الخطة الاستراتيجة يجب أن تتحول إلى البرلمان ويقوم بالتصديق عليها، هنا أصبحت ملزمة والبرلمان وافق عليها ومن ثم يوفر الموارد الخاصة بها والمقابل فالمجلس يتابع.

 الأمور ممكنة والإدارة موجودة ولكن ليس فقط في رأس الدولة، لأنك كلما تنزل بالمستوى ترى اتساعًا كبيرًا، إذن فالقضية لن تنجح بالأوامر أو التعليمات، هناك أيضًا نقطة مهمة ألا وهي أنه وجد قرارات لا بد وأن يتم اتخاذها اليوم غير قابلة للتأجيل لأن النتائج الخاصة بها ستجدها وقتها، وأخرى طويلة المدى ستجد نتائجها مستقبليًا، كان يوجد مشروع قائم منذ فترة حينما كنت أعمل في تنظيم الأسرة بالوزارة، كان مشروع مصر السكاني، أذهب إلى سيدة في الصعيد وأسألها أن تقوم بتركيب اللولب مقابل مشروع قرض وليس منحة، وكل شهر تقوم بسداد 100 جنيه، وكانوا ملتزمين جدًا، إذن هناك ربط السكان أو تنظيم الأسرة بالتنمية، وبالتالي يوجد حلول ولكن يجب العمل على تشغيل كل البرامج، على سبيل المثال ليس من المنطقي أن يَنصح قسيس أو رجل في زاوية بزيادة المواليد، هنا هو يقوم بضرب المشروع، ولذلك يجب العمل على المشروع بشكل سياسي ومجتمعي وديني وتشريعي، وهناك أيضًا أشياء مرتبطة بالخصائص، وتسرب التعليم، تشجيع المجتمعات العمرانية الجديدة وتوزيع السكان الجديد، وعمالة الأطفال، يجب أن يكون هناك مسئول عن الملف، من قبل كان يجلس المجلس القومي للسكان والهيئات الدولية ويعرض المال الداخل لهذا الملف، ثم يجلس المجلس القومي مع وزارة الصحة ويعطي لها هذا المال ويحفزها بأنها إذا قامت بتنفيذ المشروع خلال سنة سيتم رفع المبلغ المالي، ومن ثم بعد التنفيذ أعطيها مبلغًا آخر منحة لاستكمال التنفيذ، ولم يحدث هذا بسبب عدم وجود من يُقيم ويُتابع، المال يأتي ويدخل للوزارة، كيف استفدنا به؟ الإجابة تكون استطعنا إقامة ندوات، هنا نسأل، هل إقامة الندوات أهم أم فتح الوحدات المغلقة؟، هل قمنا بعمل دراسات؟ لا بد من فصل المنُفذ عن الشخص الذي يُتابع ويُقيم، يجب فصل المجلس القومي للسكان.

 

س: هل توصون إذن بأن يتبع المجلس القومي للسكان رئيسَ الجمهورية مباشرة؟

نعم، السيناريو المثالي أن يكون المعنيّ بالملف تابعًا لرئيس الجمهورية كي يستطيع أن يُتابع ويُقيم.

 

س: هل نحتاج إلى ثورة تشريعات فيما يتعلق بما يرتبط بالعملية السكانية؟

نحتاج إلى بعض التشريعات الخاصة، على سبيل المثال تسرب التعليم، وعمالة الأطفال، وزواج الأطفال.

 

س: هل نحتاج إلى ميزانية ضخمة؟

نعم بالتأكيد، فمثلًا الدكتور الذي سيعمل في وحدة صحية بالصعيد ليس منطقيًّا أن يتقاضى راتبًا فيما بين 1500 و2000 جنيه في الشهر، بل يجب أن أوفر له 10 آلاف وفي النهاية المكسب للدولة، يجب توفير جميع الإمكانيات كي أستطيع توفير خدمة كما يجب أن تكون، نحتاج إلى حملة إعلامية صحيحة، خطاب ديني مستنير، الحوافز الإيجابة ما هي إلا مال وتحتاج إلى ميزانية.

 

س: هل نحتاج بشكل واضح وصريح لدخول الجمعيات الأهلية كشريك في الموضوع؟

الجمعيات الأهلية لها ثلاثة أدوار، الأول هو التوعية ونحن نُحقق فيها نجاحًا أكثر من الحكومة، لأن الخطاب الخاص بنا يتم قبوله أكثر من الحكومة، والدور الثاني هو تقديم خدمات تنظيم الأسرة، صحيح هي نسبة بسيطة ولكنها ممكن أن يتم تعظيمها، ولذلك من ضمن البرنامج الجديد نُريد أن يتم فتح 400 عيادة جديدة تقدم خدمات تنظيم أسرة، وهنا نقول إن هناك توسيع خدمات أسرة بالنسبة للعيادات، والدور الثالث يتمثل في ربط السكان بالتنمية واستخدام وسائل تنظيم الأسرة، وهنا أيضًا يجب تعظيم دورها.

نتطرق أيضًا إلى جزئية مهمة ألا وهي إذا عملنا على السكان سنجلب التنمية، ونظرًا لجهود مصر في الثمانينيات والتسعينيات استضافت عام 94 المؤتمر الدولي للسكان والتنمية، وهو يُعد أكبر مؤتمر دولي في تاريخ العالم للسكان والتنمية، ولذلك دومًا نقول إننا نحتاج إلى تغيير الرؤية وتبنيها من الكل، كنت أتمنى وجود لجنة للإسكان والتنمية في مجلس النواب والشيوخ، لا بد من وجودها أيضًا في كل الكيانات والأحزاب السياسية لتتبناها وتقوم بتوضيح التشريعات، أيضا تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين، نُريد خلق جيل لديه وعي، لا نُريد توريث القضية للجيل القادم، لأن النجاح الحقيقي هو أن المشاكل التي تُعاني منها لا تخلفها لجيل آخر.

 

 

فتح حديثُ الرئيس السيسي بشأن الزيادة السكانية النقاشَ حول خطورة هذا الملف وتبعاته على المجتمع المصري، وأسباب الأزمة وطرق حلها مستقبلا.

وعقد “القاهرة 24″، ندوة ضمت الدكتور طلعت عبد القوي، عضو مجلس النواب، رئيس الاتحاد العام للجمعيات والمؤسسات الأهلية، والدكتور عمرو حسن، المنسق السابق للمجلس القومي للسكان، ناقشت تطورات ملف الزيادة السكانية في مصر وتأثيرها على النمو الاقتصادي، فإلى نص الندوة..

 

الدكتور طلعت.. دائمًا هناك أحاديث عن الزيادة السكانية، لماذا في مصر تحديدًا هناك ربط بين التأخر في تقديم الخدمات أو النهضة والتقدم وبين الزيادة السكانية، على الرغم من وجود العديد من الموارد الضخمة؟

الكلام العام ليس دقيقًا، هناك حسابات ورقم معين نقوله دائمًا، هو أن معدل النمو السكاني مرتبط بمعدل النمو الاقتصادي لأي دولة على مستوى العالم، ولذلك كي تعيش الدولة والناس في رفاء وبصورة جيدة، لا بد أن يكون معدل النمو الاقتصادي على الأقل 3 أضعاف معدل النمو السكاني، وهذا كلام ليس فيه اجتهاد.

قبل كورونا وصل معدل النمو الاقتصادي إلى 5.6% وتراجع الآن ليصل إلى حوالي 4%، في المقابل يصل معدل النمو السكاني إلى 2.5%، إذن نحن بعيدون جدًا لأننا بهذا المعدل في النمو السكاني لا بد أن يكون معدل النمو الاقتصادي 7.5% كي نعيش بشكل جيد.

هناك عجر شديد في الموازنة الخاصة بك، ومعظم الميزانية تأتي من الضرائب والاقتراض والمصادر الأخرى الثابتة مثل البترول وقناة السويس، بينما التصدير والسياحة تأثرا للأسف الشديد في الفترة الماضية، إذن المشكلة يمكن تلخيصها في جملة واحدة ألا وهي “هناك خلل ما بين معدل النمو السكاني ومعدل النمو الاقتصادي” وهذا كلام علمي وأي أحاديث أخرى في هذا الشأن ستكون شعارات.

إذًا ستظل الزيادة السكانية عاملًا مغرضًا ما دُمنا أمام نفس معدل النمو الاقتصادي يا دكتور عمرو؟

لا بد أن يكون هناك توازن بين معدل النمو الاقتصادي ومعدل النمو السكاني، يجب السير من خلال برامج وأنشطة تعظم دور النمو الاقتصادي وتقلل من النمو السكاني بالطرق الشرعية، والرفع من خصائص السكان، ولذلك القضية السكانية لم تختزل في النمو السكاني فقط بل إن لها ثلاثة محاور من ضمنها النمو السكان وخصائص سكان، وتوزيع سكان، والثلاثة مرتبطون ببعضهم، ولذا لا يجب العمل على محور منهم وترك الآخر، وكي أرفع مستوى التعليم لا بد وأن أقضي على الأمية، الفقر، البطالة والأمراض المنتشرة، وهذا كله يندرج تحت خصائص السكان، أما توزيع السكان ليس من المنطقي فيه أن يكون هناك 95% من السكان يعيشون على 7% من المساحة، ولذلك لا بد من إعادة توزيع خريطة السكان.

كيف يتم تطبيق الاستراتيجية بشكل كامل يا دكتور عمرو، وكيف يحدث الخلل ومن المسؤول عنه؟ وكيف نُعيد الاستراتيجية بشكلها الصحيح حتى نصل للهدف المرجو؟

في 2014 وبحضور رئيس الوزراء وقتها المهندس إبراهيم محلب، أطلقت الدولة الاستراتيجية القومية للسكان والتنمية 2015 -2030، وتم وضع أهداف كثيرة في 2020 وأيضًا في 2030، وكان أول هدف في 2020 أنه إذا تم السير على الاستراتيجية سيصل عدد السكان إلى 94 مليونًا، ولكن بنهاية 2020 وتحديدًا يوم 3 أكتوبر كسرت عدد 101 مليون، وهذا يعني أننا تعدينا المستهدف بـ7 ملايين وهذا رقم كبير جدًا، ولذلك نقول في النهاية من المفترض أن المواطن يحسب منذ ولادته ما التكلفة التي تحتاجها الدولة لتحمل مصاريف التعليم الخاص به والصحة.

لذلك هذا يفتح عنوانًا كبيرًا نحتاج أن نقوله وهو أن مشكلة مصر هي “حوكمة الملف السكاني”، وهو ما يجب أن يتميز بالشفافية والمتابعة والرقيب، كما أن المشكلة السكانية ليست وليدة اليوم ولكنها من قبل، نقوم بوضع خطة عظيمة بجانب أهدافها وحينما يأتي وقت الوصول نتفاجأ بأننا تخطينا الأهداف، ولذلك أين المُساءلة؟ والمتابعة؟ والشفافية؟ والرقابة؟.

طالما وضعت خطة إذن لا بد أن تقول أسباب عدم تحقيقها، وبالتالي إذا كنا نتميز بالشفافية نستطيع إصلاح الأمور للفترات المقبلة، وإذا كان هناك متابعة وتقييم لن ننتظر الوصول إلى 2020 حتى أعلن عن وجود مُشكلة.

ودومًا نقول أنه يوجد 4 عوامل للنجاح خاصة بالملف السكاني في مصر، منها الإرادة السياسية، والإطار المؤسسي، واستراتيجية والتمويل اللازم.

 في مصر دائمًا ما نعلن عن وجود إرادة سياسية، والرئيس السيسي يوجه بها الوزراء في خطابه، بينما أرى أن الاطار المؤسسي لدينا فيه مُشكلة كبيرة لأنه يجب أن يتميز بالقوة والاستقلال والاستقرار، هناك تجربة مصرية من عام 1986 إلى 1996 تُعد من أنجح التجارب الدولية على مستوى العالم كله في مجابهة الزيادة السكانية وحدوث انخفاض كبير في معدل الزيادة السكانية.

من ينصحنا بأن ننظر إلى تجربة الصين سأقول له لا أحتاج، لوجود تاريخ مصري في عهد عبد الناصر عام 1965  تم إنشاء المجلس الأعلى لتنظيم الأسرة، سنة 1972، تم استيعاب أن الرؤية ليس فقط  تنظيم أسرة بل تنظيم أسرة وخصائص سكانية، فتحول وأصبح اسمه المجلس الأعلى لتنظيم الأسرة والسكان في عهد أنور السدات، وفي عهد مبارك 1985 تم إنشاء المجلس القومي للسكان.

منذ عام  65 حتى الآن في 2021، يجب أن أنظر إلى أن الدولة المصرية فتحت ملف الزيادة السكانية سنة 56، وهناك دول بدأت معنا  في السيتينات وغلقت الملف منذ 20 عامًا، ولذلك فإن النجاح هو عدم الحديث مرة أخرى عن ملف الزيادة السكانية وغلقه.

في رأيك يا دكتور عمرو من المسؤول عن التراجع في التجربة الرائدة؟

كانت عوامل النجاح الأربعة غير موجودة، أو كان هناك عاملًا ناقص أو في فترة من الفترات وجد نقص في عاملين، وأهم عامل منها هو أن يكون لديك إطار مؤسسي منضبط، لأنه سيضمن وصول الإرادة السياسية لكل أفراد مصر من أول الوزير للمحافظ وهكذا، كما أنه سيضمن متابعة وتقييم الاستراتيجية، فضلًا عن ضمانه زيادة التمويل من الداخل والخارج، وسيساعد أيضًا على الاستغلال الأمثل للموارد، لأن مصر تأتي لها العديد من المنح والقروض من الخارج، هل كان يتم استغلالها بشكل أمثل؟ والإجابة هي إذا كان يتم استخدامها بشكل أمثل كانت القضية تم غلقها من 20 عامًا، نحتاج إلى شخص يتابع ويقيم، والمشكلة أن من ينفذ هو من يتابع ويقيم، ولا يوجد شيء هكذا ويجب فصل من ينفذ عمن يتابع ويُقيم.

 

لننتقل إلى الدكتور طلعت.. لماذا لم يستقل المجلس القومي للسكان؟ ولماذا لم تخصص له ميزانية رائدة؟ لماذا لم يتحرك البرلمان بشكل جاد؟ وماذا عليه الفترة المقبلة؟

كنت عضوًا في لجنة الخمسين، وأنا من وضعت المادة 41 والتي تنص على التزام الدولة بتنفيذ برنامج سكاني يهدف إلى تخليق التوازن بين معدل النمو السكاني والموارد المتاحة وتعظيم خصائص السكان، وذلك في إطار تحقيق التنمية المستدامة، والمجلس القومي للسكان بدأ برئاسة رئيس الجمهورية وبعدها نزل لرئيس الوزراء وشرفت بأنني كنت عضوًا في المجلس القومي للسكان عندما كان رئيس وزراء مصر هو رئيس المجلس في 2008-2009، ومن ثم  نزل لوزير الصحة ومجموعة من الموظفين في بعض المصالح الحكومية الممثلين عن الوزراء، وكان مجلس النواب في الدورة الماضية تقدم إليه مشروع قانوني ببعض الأعضاء، وتم إحالته إلى اللجنة المعنية وهي لجنة التضامن الخاصة بتشكيل المجلس القومي للسكان في تشكيل جديد، وتمت الموافقة عليه ولكنه لم يخرج للنور، وكان عبارة عن تشكيل من الشخصيات العامة وليس شخصية حكومية، لأنه هو من يضع السياسات والأجهزة التنفيذية مهمتها هي تنفيذ السياسات، والموظف هو من يتابع  الأنشطة، ولذلك أعتقد أنه سيُبدل في المرحلة الحالية كي نحيي ونقوي المجلس القومي للسكان، لأنه بعد وضع خطة وسياسة معنية؛ من المسؤول عن متابعتها؟ من المسؤول عن تقييمها؟، وفي 2015 -2020 قمنا بعمل خطة تنفيذية وكان لا بد من تقييم، المجلس القومي للسكان لابد أن يُعاد النظر فيه لأنها قضية مهمة وما دامت هي قضية مهمة يُفضل أن تكون مشاركة بين رئيس المجلس ورئيس الجمهورية أو على الأقل رئيس مجلس الوزراء كي يعطي قوة.

 

 

في رأيك يا دكتور طلعت لو بعد خمس سنوات صرنا نسير على نفس النهج من معدل النمو السكاني ومع أزمة سد النهضة، سنصل إلى أين؟؟

وزير الري كان موجودًا قريبًا في مجلس النواب وقال نحتاج إلى 114 مليار متر مكعب من المياه، والمتوفر منهم 74 مليارًا، المسألة ليس فقط مشكلة المياه، لكن هناك أيضًا أراضٍ زراعية، حينما كان عدد سكان مصر مليونًا كان كل فرد نصيبه فدان، أما الآن هناك 10 ملايين أفدنة على 100 مليون مواطن، ولذلك أصبحنا نستورد بعدما كان لدينا فائض نقوم بتصديره، بالإضافة إلى الفجوة الغذائية، مشاكل التعليم وتكدس الفصول، بالإضافة إلى الصحة وما لديك من عدد الغرف في العناية المركزة، وينتج عنهم أن كل عناصر الحياة ستتأثر، ولذلك نتحدث عن القضية السكانية منذ زمن، وهي أصبحت قنبلة غير موقوتة، لأننا بدأنا نعاني من الآثار المترتبة على المشكلة السكانية وليس أعراضها، وهي آثار خطيرة تهبط أي دولة وتهدد أمن وسلامة الوطن.

 

في رأيك يا دكتور عمرو.. لماذا فشلنا؟ وكيف نستطيع الوصول بالناس لتنظيم أسرة حقيقي؟ ولماذا وصلنا لهذه المرحلة؟

أكبر مشروع استثماري لو تبنته مصر واهتمت به سيعود عليها بالأرباح والفوائد، وهو مشروع تنظيم الأسرة، نحتاج رؤية الدولة لهذا المشروع، إذا تبنته مصر سيعود عليها بفوائد ضخمة، ولكن هل الدولة متبنية له؟، إذا تبنته الدولة كان سيُصبح الملف مغلقًا مع الدول التي أغلقته منذ سنوات، لا تقل لي إن معدل النمو السكاني انخفض، ولكن عندما تقول إننا بدأنا ألا نتحدث عن مشكلة الزيادة السكانية وأصبحنا لا ننصح الناس بأن هناك مشكلة سكانية هنا أستطيع قول أننا نجحنا، نحتاج إلى إعادة عوامل النجاح التي حققناها  جميعها في فترة من الفترات مرة أخرى، لا نحتاج إلى اختراع، فقط النظر في التجارب القديمة وإعادتها، كما أن الدولة أيضًا لن تحتاج إلى رفع الدعم من أحد، لأن عوامل النجاح لم تتغير، بل إنها مناسبة مع كل فترة وزمن، ومن خلالها سيتم حل المشاكل، وأتطرق أيضًا إلى أننا قمنا بتقييم استراتيجية المجلس القومي للسكان منذ 2018 إلى 2019، ومن خلالها وجدنا أن هناك 1250 وحدة مغلقة بسبب عدم وجود أطباء لتنظيم الأسرة، كما أن هناك أيضًا 3183 منطقة محرومة من خدمات الأسرة، وألفت الانتباه إلى أن جزءًا كبيرًا من الحل سيتم تحسينه من خلال تحسين تنظيم خدمات الأسرة، من يقول إننا نحتاج النظر خارج الصندوق أقول له إن النظر خارج الصندوق هو فتح الصندوق نفسه وحله، من خلال توافر الخدمة وتحسين الجودة وكي أحسنها أحتاج إلى رؤية واضحة وإرادة، وأيضًا إلى وقت.

 

الدكتور عمرو.. لماذا لم نبدأ في حل الأمر كي نحقق استراتيجية واضحة؟

قمنا بعرض تقييم للاستراتيجية في البرلمان، وكانت نتائج التقييم أن ما تم تنفيذه أقل من 40 %، وعرضنا المشاكل والبرلمان قام بدوره ولكننا لم نستكمل، نحتاج إلى نفس طويل، ومعرفة من المسؤول عن ملف السكان في مصر؟ من يستطيع أن يكون مسؤولًا لا بد وأن يكون مؤهلًا من الصلاحيات، ولذلك أؤكد دومًا أن الإطار المؤسسي هو أهم عامل نظرًا لما يتضمنه من قوة، واستقرار، واستقلال، كما أن مشكلة المجلس أنه حينما يكون تابعًا لوزارات، تُصبح ليس لك سلطة عليهم، لكن وقتما يكون تابعًا لرئيس الجمهورية تستطيع مُتابعة الأفراد بشكل جيد، لأن معك من السلطات ما يؤهلك لهذا، ولذلك وجود سلطات هو جزء من استقلال الملف واستقراره، كما أنني أنوه أن مشكلة المجلس في آخر 8 سنين قمت بتولية 8 أشخاص، وهنا ينتج عن هذا عدم وجود وقت كافٍ للعمل، ولذلك أطالب الاستقرار والاستقلال كي أستطيع محاسبته المسؤول، والمشكلة في مصر تتمثل بعدم وجود المدير الفني لهذا الملف أو المايسترو أو المخرج، والحل سهل، وأول إجابة هي أن تقوم الدولة بتعيين شخص يتولى إدارة هذا الملف ومن ثم محاسبته.

إذًا من المسؤول عن الملف؟ ومَن مِن المفترض أن تكون هذه قضيته؟ ولمَ لا يكون هذا المشروع مشروعًا قوميًّا؟ وما دور الجمعيات الأهلية في المشهد؟

الملف عندما نقوم بوضع استراتيجية له، إذن هو مشروع قومي، ارتفاع معدل النمو السكاني إذا كانت مشكلته بسبب واحد، سيكون الملف سهلًا في معالجته، ولكن هناك أسباب كثيرة، منها بعد اقتصادي في الريف واعتقادهم أن الأولاد هم الثروة الاقتصادية، وعندما تقول له “اتنين كفاية” لن يقبل، هناك أيضًا بعد اجتماعي وهي فكرة العزوة للشخص الذي رُزق بالبنات فقط ويريد الولد، بالإضافة إلى الأمية وعلاقتها بالزيادة السكانية، البطالة، كل ذلك ومعهما البعد الديني، المشكلة معقدة ولها أطراف كثيرة مثل الأخطبوط، كما أنك لا بد وأن تلتزم بمسائل الشرائع وحقوق الانسان، وعلى سبيل المثال، الصين أصدرت بأنه لا يوجد مسودة طفل واحد ونسبة استخدام وسائل تنظيم الأسرة وصلت إلى 85% في حين نحن وصلنا إلى 60%، لأن الصين أصدرت قرارات قمعية لا نستطيع أن نقوم بها، وأيضًا هناك النظرة الشخصية والتي تكون أقوى من العامة، هل تستطيع أن تمنع الرجل المزواج من التزوج أكثر من مرة وهو قادر؟، كما أنه لا بد وأن يسير التشريع مع الدستور والشرائع، لا نستطيع الخروج عن النص، هناك من قال أن نُصدر قوانين ولا تكون لها علاقة بالعدد، لكن لها علاقة بوقف عمالة الأطفال والتي إذا تم منعها ستُجبر الأب على تعليم أولاده، وأيضًا هناك ما يسمى بالحوافز الإيجابية، تُعطي للأم على سبيل المثال قطعة أرض وتفتح لها مشروعًا تُنتج من خلاله والمقابل هو أن يكون لديك طفلان، تحفيز من خلال عمل عضوية في نادٍ مُعين، يوجد دراستان واحدة منهما قالت إن كل جنيه يتم صرفه على تنظيم الأسرة يوفر على الدولة المصرية 151 جنيها، في 2015 كان الجنيه يوفر 56 وبعد التعويم أصبح يوفر151، ولذلك نقول دومًا إنه من أكبر المشاريع الاستثمارية هو مشروع تنظيم الأسرة، وحينما تريد أن تحل تلك القضية، تحتاج العمل على الفقر والبطالة وعمالة الأطفال وزواج الأطفال، تحتاج إلى تغليظ العقوبة على المأذون الذي لديه دفتران واحد للتسجيل العرفي “وهي في سن صغيرة” ومن ثم الرسمي بعد الوصول إلى سن 18، لم أقل لك أن تنجب واحدًا أو اثنين ولكني سأغلق عليك جميع الأسباب التي تجعلك تُنجب كثيرًا، ولذلك أحتاج العمل على جهتين وهما تشجيع الناس وتحسين الخدمة.

 

 

 

 

 

الدكتورعمرو.. كم مليونًا نحتاج لفتح كل المصادر المُغلقة؟

لم تُحسب في وقتها لأن المشكلة تتمثل في نقص في عدد الطبيبات، محتاج مراعاة لجميع المناطق، قد تكون المرأة التي تُقيم في الصعيد من الصعب بالنسبة لها أن تخرج من البيت وتذهب إلى الوحدة الصحية إذا كان هناك طبيبً ليفحصها ويضع لها وسيلة “اللولب” بل تريد دكتورة، ولذلك لا بد أن أُراعي تلك الوحدة، وكي أقوم بفتحها لا بد من وجود طبيبة هناك، وبالتالي يجب العمل على تحسين الخدمة وجودتها على المدى القريب أو البعيد، وواحدة كأحد الأفكار التي دومًا نقوم بطرحها ونحتاج الشغل عليها هي فكرة “التاسك شيرينج”، وهي فعالة في كثير من  دول العالم التي تُعد حالتها مثلنا في ضعف الموارد وهجرة الأطباء، وذلك  النظام يقوم على عدم إلزامية تقديم خدمة تنظيم الأسرة من خلال الطبيب، قد يكون ممرضًا أو صيدليًّا وهنا لن يقوم بتركيب وسيلة “اللولب”، ولكنه يكون قادرًا على  صرف الوسيلة الهرمونية، وهنا كي أستطيع تنفيذه أحتاج إلى تغيير قوانين في مصر لها علاقة بالنقابة والوزراة ونقابة التمريض، بعدما أساعده في التعليم أو الخضوع لدورات كي أستطيع تحويلهم ليقوموا بدور الطبيب وأجلب لهم الرخصة ليقوموا بهذا العمل، وهنا يأتي السؤال.. الأوقع أن تكون الوحدة مغلقة ولا وجود لطبيب؟ أم يشارك في مهمة تنظيم الأسرة آخرون؟، وهذه الفكرة ليست اختراعًا مصريًا، كما أننا ننظر إلى أنه في أواخر الثمانينيات بمصر كان معدل استخدام “اللوالب” أربع أضعاف أوائل الثمانينيات وفي التسعينيات ضعفين، هنا كنا نستوعب أن المرأة الموجودة في القرية الفقيرة عندما يُركب لها الطبيب “اللولب” هنا ضمن عدم خلفتها لمدة 7 سنوات، أما إذا اعتمد على أقراص منع الحمل، من الممكن أن تُفكر أن الأقراص تُساعد على السرطان، وقد يكون ليس لديها تركيز كافٍ كي تأخذ الأقراص بشكل يومي منتظم، أما حاليًا هناك انخفاض شديد في معدل استخدام وسائل طويلة المفعول وهو “اللولب”، ويرجع السبب إلى عدم وجود أطباء في الوحدات لتركيب “اللوالب”، وقد يكون لدينا أطباء ولكن لا نمتلك جودة تعليم جيدة للدكتور لأنه خائف من تركيبه، ولذلك إذا كنت تريد حلها لا بد وأن ترى الرؤية، توضح لي كيفية إعادة فتح الوحدات المغلقة؟ وكيفية الانتهاء من المناطق المحرومة من خدمة تنظيم الأسرة؟ وكيفية رجوع معدل استخدام وسائل طويلة المفعول؟، وكي تستطيع الحل فهناك حلول تقليدية وحلول غير تقليدية، لا أُريدك أن تكون سعيدًا بارتفاع نسبة صرف حبوب منع الحمل سنة عن الآخرى، بل أريدك أن تحول المستخدمين من وسائل قصيرة المدى إلى وسائل طويلة المدى، وطبقًا لمسح السكان الأخير لمصر في عام 2014، معدل الانقطاع عن استخدام أقراص منع الحمل بعد سنة 41 %، بينما معدل الانقطاع عن استخدام اللولب 14%، وهنا لدينا وسيلة معدل الانقطاع الخاص بها 14% مقابل 41% بعد سنة، ولذلك نحتاج إلى أطباء لتركيب اللوالب، وهو ما يترتب عليه تحسين نظام لتحفيز الأطباء، حل دبلومة تحفيز الأسرة، الموضوع يحتاج إلى حسم وشخص يرى أول نقطة وآخر نقطة.

 

دكتور طلعت.. من 2021 إلى 2030 هناك 9 سنوات، ما الذي يجب أن نفعله جديًا وعمليًا؟

الحكومة ستعمل خطة استراتيجية بسيطة من 2020 إلى 2023 قريبًا، المسألة لا تعني وجود استراتيجية مع عدم إمكانية التنفيذ، بل الاستراتيجية تعني آليات التنفيذ، تمويلها ومتابعتها.

 الخطة إذا قمنا بعملها على هذا الشكل ستكون النتائج عظيمة، وكانت المشاكل تتمثل في أن التمويل غير جيد، بعدما قمنا بالتوعية وشحن الرأي العام وإقناع الناس بأن تخضع للخدمة، ومن ثم تذهب المرأة لمكان الخدمة فلا تجدها خدمة، أيضًا هناك خدمات غير ملبّاة تتمثل في سيدات يُردن استخدام وسائل تنظيم الأسرة ولم يحصلن عليها، نسبتهن في الصعيد 14% لأسباب خارجة عن إرادتهن بسبب أن الوسيلة بعيدة أو غير متوافرة، نحتاج إلى توفير خدمات كاملة وأطباء ومقدمي الخدمة، وأيضًا أن نسير بالتوازن، وأن يتحمل كل فرد مسئوليته، وهناك دائمًا ما يسمى بالتقييم والتقويم، التقييم ينتهي بنهاية الخطة والتقويم يأتي بعده وهو سبب من أسباب النجاح  كي أرى مكان المشكلة.

لا بد أن نضع سياسة تكون سياسة دولة وليس سياسة وزراء أو أشخاص، لأنه بالتغيير الوزاري يمكن أن يأتي وزير تكون المسألة غير مهمة بالنسبة له.

في مرة من المرات اقترح شخص أن الخطة الاستراتيجة يجب أن تتحول إلى البرلمان ويقوم بالتصديق عليها، هنا أصبحت ملزمة والبرلمان وافق عليها ومن ثم يوفر الموارد الخاصة بها والمقابل فالمجلس يتابع.

 الأمور ممكنة والإدارة موجودة ولكن ليس فقط في رأس الدولة، لأنك كلما تنزل بالمستوى ترى اتساعًا كبيرًا، إذن فالقضية لن تنجح بالأوامر أو التعليمات، هناك أيضًا نقطة مهمة ألا وهي أنه وجد قرارات لا بد وأن يتم اتخاذها اليوم غير قابلة للتأجيل لأن النتائج الخاصة بها ستجدها وقتها، وأخرى طويلة المدى ستجد نتائجها مستقبليًا، كان يوجد مشروع قائم منذ فترة حينما كنت أعمل في تنظيم الأسرة بالوزارة، كان مشروع مصر السكاني، أذهب إلى سيدة في الصعيد وأسألها أن تقوم بتركيب اللولب مقابل مشروع قرض وليس منحة، وكل شهر تقوم بسداد 100 جنيه، وكانوا ملتزمين جدًا، إذن هناك ربط السكان أو تنظيم الأسرة بالتنمية، وبالتالي يوجد حلول ولكن يجب العمل على تشغيل كل البرامج، على سبيل المثال ليس من المنطقي أن يَنصح قسيس أو رجل في زاوية بزيادة المواليد، هنا هو يقوم بضرب المشروع، ولذلك يجب العمل على المشروع بشكل سياسي ومجتمعي وديني وتشريعي، وهناك أيضًا أشياء مرتبطة بالخصائص، وتسرب التعليم، تشجيع المجتمعات العمرانية الجديدة وتوزيع السكان الجديد، وعمالة الأطفال، يجب أن يكون هناك مسئول عن الملف، من قبل كان يجلس المجلس القومي للسكان والهيئات الدولية ويعرض المال الداخل لهذا الملف، ثم يجلس المجلس القومي مع وزارة الصحة ويعطي لها هذا المال ويحفزها بأنها إذا قامت بتنفيذ المشروع خلال سنة سيتم رفع المبلغ المالي، ومن ثم بعد التنفيذ أعطيها مبلغًا آخر منحة لاستكمال التنفيذ، ولم يحدث هذا بسبب عدم وجود من يُقيم ويُتابع، المال يأتي ويدخل للوزارة، كيف استفدنا به؟ الإجابة تكون استطعنا إقامة ندوات، هنا نسأل، هل إقامة الندوات أهم أم فتح الوحدات المغلقة؟، هل قمنا بعمل دراسات؟ لا بد من فصل المنُفذ عن الشخص الذي يُتابع ويُقيم، يجب فصل المجلس القومي للسكان.

 

س: هل توصون إذن بأن يتبع المجلس القومي للسكان رئيسَ الجمهورية مباشرة؟

نعم، السيناريو المثالي أن يكون المعنيّ بالملف تابعًا لرئيس الجمهورية كي يستطيع أن يُتابع ويُقيم.

 

س: هل نحتاج إلى ثورة تشريعات فيما يتعلق بما يرتبط بالعملية السكانية؟

نحتاج إلى بعض التشريعات الخاصة، على سبيل المثال تسرب التعليم، وعمالة الأطفال، وزواج الأطفال.

 

س: هل نحتاج إلى ميزانية ضخمة؟

نعم بالتأكيد، فمثلًا الدكتور الذي سيعمل في وحدة صحية بالصعيد ليس منطقيًّا أن يتقاضى راتبًا فيما بين 1500 و2000 جنيه في الشهر، بل يجب أن أوفر له 10 آلاف وفي النهاية المكسب للدولة، يجب توفير جميع الإمكانيات كي أستطيع توفير خدمة كما يجب أن تكون، نحتاج إلى حملة إعلامية صحيحة، خطاب ديني مستنير، الحوافز الإيجابة ما هي إلا مال وتحتاج إلى ميزانية.

 

س: هل نحتاج بشكل واضح وصريح لدخول الجمعيات الأهلية كشريك في الموضوع؟

الجمعيات الأهلية لها ثلاثة أدوار، الأول هو التوعية ونحن نُحقق فيها نجاحًا أكثر من الحكومة، لأن الخطاب الخاص بنا يتم قبوله أكثر من الحكومة، والدور الثاني هو تقديم خدمات تنظيم الأسرة، صحيح هي نسبة بسيطة ولكنها ممكن أن يتم تعظيمها، ولذلك من ضمن البرنامج الجديد نُريد أن يتم فتح 400 عيادة جديدة تقدم خدمات تنظيم أسرة، وهنا نقول إن هناك توسيع خدمات أسرة بالنسبة للعيادات، والدور الثالث يتمثل في ربط السكان بالتنمية واستخدام وسائل تنظيم الأسرة، وهنا أيضًا يجب تعظيم دورها.

نتطرق أيضًا إلى جزئية مهمة ألا وهي إذا عملنا على السكان سنجلب التنمية، ونظرًا لجهود مصر في الثمانينيات والتسعينيات استضافت عام 94 المؤتمر الدولي للسكان والتنمية، وهو يُعد أكبر مؤتمر دولي في تاريخ العالم للسكان والتنمية، ولذلك دومًا نقول إننا نحتاج إلى تغيير الرؤية وتبنيها من الكل، كنت أتمنى وجود لجنة للإسكان والتنمية في مجلس النواب والشيوخ، لا بد من وجودها أيضًا في كل الكيانات والأحزاب السياسية لتتبناها وتقوم بتوضيح التشريعات، أيضا تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين، نُريد خلق جيل لديه وعي، لا نُريد توريث القضية للجيل القادم، لأن النجاح الحقيقي هو أن المشاكل التي تُعاني منها لا تخلفها لجيل آخر.

 

 

مساحة إعلانية
مساحة إعلانية

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

خيارات العرض

مساحة إعلانية